مع كل تفجير سيارة مفخخة بشوارع ليبيا وسقوط ضحايا جدد، تتهم الجهات الرسمية "أزلام النظام السابق" بالوقوف وراء العملية، لكن السؤال الكبير الذي يجول في ذهن المواطن: هل لدى أعوان العقيد الليبي الراحل معمر القذافي القدرة على تفخيخ السيارات وزرع قنابل يصل وزنها إلى 60 كلجم أمام أعين الأمن؟
ويؤيد وكيل وزارة الداخلية عمر الخضراوي الروايات الرسمية، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المسؤولين عن تفجيرات العيد في طرابلس، وهم من "أزلام القذافي"، رافضا الحديث عن تصفية حسابات بين الأجهزة التي قال إنها لم تتكون حتى الآن.
وقال إن الأمن ليس لديه وقت للكذب واستخدام الدعاية ضد الشعب. وأوضح أن حديثهم عن الأزلام حقيقي. وأكد أنه في غضون ثلاث ساعات تمكنت أجهزة الأمن من الدخول إلى عقر دار منفذي تفجيرات طرابلس، "وهذا لم يحدث حتى في أميركا".
تفجيرات بنغازي غامضة
أما عن تفجيرات بنغازي المتكررة فقد قال إنها غامضة، وأشار بأصابع الاتهام إلى جهة واحدة "الأجهزة الأمنية في العهد السابق".
وعلى عكس الخضراوي، أعرب القيادي في حزب الوطن رمضان بن طاهر عن شكوك في أن من أسماهم "ملاك الحقيقة المطلقة" هم الذين يقفون وراء هذه التفجيرات.
وهؤلاء الملاك بحسب وصف بن طاهر هم بعض التيارات الدينية "المتطرفة"، والطبقة الاقتصادية الاجتماعية التي عاشت في ظل القطاع العام إبان عهد القذافي، والتي تسعى إلى الفوضى وضمان استمرار عمليات النهب.
وقال إن الهدف الأول من التفجيرات هو منع التطور الديمقراطي وتشكيل الدولة المدنية. وأكد أن قوى خارجية تعمل على إعادة إنتاج السيناريو العراقي في ليبيا. وأضاف أن ما يجري اليوم هو محاولة للحفاظ على مصالح القوى الداخلية بدعم خارجي، على عكس ما كان يجري في السابق بدعم الاستبداد.
حمامات دم
ويدعم هذا الرأي القيادي في حزب الوطنية مفتاح الطيار الذي قال إن "أطرافا سياسية مدفوعة تريد خلط الأوراق"، رافضا الإشارة إلى جهة سياسية بعينها.
لكنه قال إن المؤشرات تدل على أن الفاعل "جهات ينقصها الوعي السياسي"، وتود تصفية حسابات سابقة لأوانها. وأكد أن ليبيا تدفع ثمن غياب أجهزة النيابة والقضاء. وأشار إلى أن مطلبهم العاجل هو قيام قضاء مستقل "حتى لا تسقط الثورة وتتحول إلى حمامات دم".
ولم يتردد الطيار في الحديث عن المنافسة بين الأجهزة الأمنية التي قال إنها "إذا خرجت عن حدودها انقلبت إلى كارثة". وقال إن الشواهد تدل على أن المواطن هو من يدفع ثمن هذا التنافس.
وقال إن جهات أمنية لم يشر إليها صراحة تود القول إنه "إذا استغنت الدولة عن خدماتها فسينهار الوضع الأمني".
بصمات سياسية
ورأى الإعلامي محمود شمام أنه عندما تتعدد المؤسسات الأمنية وتتداخل يصبح تحديد الجناة أكثر صعوبة، مما يجعلنا كصحفيين "لا نهتم كثيرا بالجانب الجنائي، بل نركز على معرفة من المستفيد من هذه العمليات".
والإجابة -في رأي شمام- هي أن المستفيد بالأساس هم "فلول القذافي، حتى إذا نفذت بعض الجهات الأمنية المنفلتة بعض هذه العمليات كي لا تفقد مبرر وجودها".
وقال إنه في مثل هذه الحالات يبحث الصحفي عن "البصمات السياسية" أيضا، وليس البصمات الجنائية فقط، و"كلها تشير إلى الفلول".
وترى الحقوقية نيفين الباح أن "فزاعة أزلام القذافي سيناريو ولد ميتا"، وقالت إنهم "شخصيات تعد على أطراف الأصابع في الخارج، ولا تستطيع القيام بأي عمليات نوعية". وتحدثت بصراحة عن صراع يدور على أشده بين اللجنة الأمنية العليا والأمن الوطني.
المحلل السياسي إبراهيم المقصبي ربط بين ازدياد عمليات التفجيرات ومحاكمة سيف الإسلام نجل القذافي، وتوقع -في تصريح للجزيرة نت- أن تعمل عائلة القذافي على خلط الأوراق وإشاعة الفوضى لتبرير صعوبة إجراء محاكمة الابن في ليبيا. وأكد أنه من الممكن في هذه الحالة نقل المحاكمة إلى المحكمة الجنائية الدولية التي لا تطبق عقوبة الإعدام المتوقع الحكم بها عليه في ليبيا.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق